التعامل مع التعقيدات: مقاربات إعادة المقاتلين الأجانب من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة إلى أوطانهم وإعادة إدماجهم
بقلم رن رضوان
إن إعادة إدماج الأعضاء أو المقاتلين السابقين في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) أو المرتبطين به عملية متعددة الأوجه كثيراً ما تتم مناقشتها إلى عمليات مختلفة مثل فك الارتباط، والتسريح، وإزالة التطرف، ومكافحة الغلوّ، والمصالحة. وعلى الرغم من أهميتها، لا يوجد تعريف مقبول عالميًا لهذه العبارات، ولا خطط استراتيجية لتنفيذها، مما يؤدي إلى غموض في حدودها المفاهيمية وإمكانية تطبيقها. وعلاوة على ذلك، فإن المجتمع الدولي يمر بمرحلة حرجة في تحديد الاستراتيجيات الفعالة لمعالجة التحديات الإنسانية والأمنية المعقدة التي يطرحها محتجزو تنظيم الدولة وأسرهم. وبالاستناد إلى التحليلات والتقارير الميدانية الأخيرة، يحدد هذا المقال ثلاثة مخاطر حاسمة للمقاتلين السابقين وعائلاتهم: تفاقم التطرف بسبب ظروف الاحتجاز اللاإنسانية، وانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، وفشل الدول في الوفاء بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه المحتجزين، لا سيما الأطفال.
يهدف هذا المقال إلى دراسة برامج الإعادة إلى الوطن وإعادة الإدماج القائمة، وتقييم فعاليتها عبر ثلاثة نماذج، وهي فرنسا والدنمارك وكازاخستان. ويركز المقال على السيناريوهات التي تقرر فيها الدول إعادة مواطنيها إلى أوطانهم أو السماح بعودتهم. ويهدف المقال، من خلال تحليل هذه البرامج، إلى المساهمة في فهم عمليات إعادة الإدماج وتقديم رؤى حول أفضل الممارسات لإدارة عودة المقاتلين الأجانب. وتختلف دراسات الحالة المختارة من حيث عملياتها وعوائقها ونجاحاتها، مما يوفر أداة مفيدة للمقارنة والفحص. وفي نهاية المطاف، يؤكد التحليل على الحاجة إلى استراتيجيات إعادة الإدماج المحلية المراعية للسياق ويقدم المقال توصيات قابلة للتنفيذ لمعالجة الثغرات في السياسات والممارسات العالمية.
يتسم النهج الذي تتبعه فرنسا بإطار قانوني صارم يشدد على المساءلة لكنه يثير المخاوف بشأن إعادة التأهيل على المدى الطويل، وفصل الأمهات عن أطفالهن، والاندماج الاجتماعي بعد انتهاء العملية القانونية. في المقابل، يُظهر نموذج آرهوس في الدنمارك فعالية المشاركة المجتمعية الشعبية وتكييف أنظمة الدعم الشاملة في تعزيز إعادة الإدماج ومنع التطرف، كما يتضح من الانخفاض الكبير في عدد الأفراد الذين ينضمّون إلى النزاعات في الخارج والاستجابة الإيجابية لإعادة الإدماج. تركز استراتيجية كازاخستان المعروفة باسم ”عملية زوسان“ في المقام الأول على التدابير الأمنية والاعتبارات الجيوسياسية باستخدام المراقبة القوية للحدود والتعرض لشبكات التجنيد والسفر عبر الإنترنت مع تنظيم صارم للمؤسسات الدينية. أما في المجتمع الكازاخستاني، فقد كانت استجابة المجتمعات المحلية في كازاخستان متعاطفة مع المقاتلين السابقين حيث لا يُنظر إليهم نظرة سلبية كما هو الحال في البلدان الأخرى عند عودتهم، مما سهل إعادة إدماجهم.
وتختتم المقالة بمجموعة من التحذيرات والتوصيات التي ترى أن اتباع نهج متوازن وشامل لإعادة الإدماج أمر ضروري لجميع البلدان لمنع المزيد من التدهور في الوضع الإنساني في مخيمات محتجزي تنظيم الدولة في سوريا والعراق، مما قد يؤدي إلى إعادة التطرف. وللتخفيف من هذه المخاطر، تشمل التوصيات وجود برامج إعادة إدماج مصممة خصيصًا لهذا الغرض، والدعم الديني الإيجابي، والتنسيق القوي بين الوكالات، والمشاركة المجتمعية، والدعم المتخصص للنساء والأطفال. وتأكيدًا على أهمية التطبيع وإعطاء الأولوية لإعادة الإدماج الاجتماعي على التدابير العقابية، يدعو هذا المقال إلى اتباع نهج شامل قائم على الحقوق لتلبية الاحتياجات المعقدة للعائدين. هذه التدابير ضرورية ليس فقط لدعم حقوق الإنسان الأساسية ولكن أيضًا لتعزيز الاستقرار والقدرة على الصمود على المدى الطويل على المستوى المحلي والوطني والعالمي.
ملخص الورقة Français