واجب المسلمين في المساهمة في تمويل إصلاح ذات البين
Funding CPI-Geneva Summer 2024 appeal | English
1. الخلافات العنيفة تنخر المجتمعات الإسلامية
تعاني المجتمعات الإسلامية من عدد ضخم من الخلافات التي تندلع وتتأجج على شكل تجاذبات سياسية وأيديولوجية وتوترات عرقية ولغوية وقبلية واحتقانات دينية ومذهبية. وتعاني المجتمعات الإسلامية في نفس الوقت من قلة موارد ترشيد الخلاف، مما يجعل الخلافات تؤول في كثير من الأحيان إلى العنف، وهذا من شأنه أن يعرقل جهود التنمية.
2.استعمال الموارد الإسلامية لإصلاح ذات البين
ثمّة حاجة إلى استخدام مناهج مبتكرة لبناء السلام في المجتمعات الإسلامية، بما في ذلك إعادة النظر في موارد السلام الداخلية، وتكييفها مع السياقات الحالية ودمجها مع التقنيات الحديثة. كما أن هناك حاجة ملحة إلى بناء قدرات جيل من العاملين في مجال إصلاح ذات البين في السياقات الإسلامية.
3.اهتمام الدول الإسلامية المتزايد بالوساطة
تعاظم في السنوات الأخيرة اهتمام عدد من الدول الإسلامية بمجال الوساطة، مثل تركيا، وعمان، وقطر، والكويت. وأكد مجلس وزراء خارجية المنظمة، بحكم القرار رقم 56/46-س بشأن “تعزيز قدرات منظمة التعاون الإسلامي في مجال الوساطة”، الذي تم اعتماده في مارس 2019، على “التزامه بتعزيز الوعي في منطقة منظمة التعاون الإسلامي بمنافع الوساطة باعتبارها أداة فاعلة من حيث التكلفة لدرء وفض النزاعات”. وكلف المجلس الأمانة العامة بمهمّة “إعداد مشروع مدونة سلوك للوسطاء، تركز على مناهج للوساطة تراعي الحساسيات الثقافية”.
4.إصلاح ذات البين ليس حكرا على الجهات الرسمية
إنّ إصلاح ذات البين مسؤولية الجميع وليس من صلاحيات الدبلوماسية الرسمية فقط، فيجب أن تتعاون فيه الجهات الحكومية، والمنظمات غير الحكومية، وقيادات المجتمع من علماء وأعيان، والمواطنون كأفراد. وتأخذ المساهمة في إصلاح ذات البين العديد من الأشكال المتعلقة إما بالمضمون أو بالعملية كالاستشارة والتوجيه والتأصيل والدعم اللوجستي والتدريب والتنسيق والتسهيل والمراقبة والتمويل. وقد تزايد اهتمام الجهات غير الحكومية في العالم الإسلامي في العقدين الأخيرين بمجال إصلاح ذات البين، فثمة اليوم وعيٌ متزايد بالحاجة في العالم الإسلامي لإتقان آليات ترشيد الخلاف. ويمكن قياس ذلك برغبة عدد متزايد من العلماء في مختلف أرجاء العالم الإسلامي للمساهمة في إصلاح ذات البين، ومن خلال العدد المتزايد من الشباب المسلمين الذين يتدرّبون على الوساطة أو يتابعون مناهج أكاديمية في ترشيد الخلاف.
5.إصلاح ذات البين واجبٌ شرعي
كل ما يأتي بالنفع للخلق هو من عمل الخير، ولذلك يعتبر إصلاح ذات البين أحد مجالات العمل الخيري العديدة. ويحث القرآن على إصلاح ذات البين ويعتبره واجبا شرعيا، كما تبينه الآيات الكريمة: ﴿وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة:224)؛ ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (النساء:114)؛ ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ (النساء:128)؛ ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ (الحجرات:9)؛ ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ (الأنفال:1)؛ ويشير الشوكاني في تفسيره “فتح القدير” إلى كون هذه الآية من سورة الأنفال تؤكد على أهمية إصلاح ذات البين حيث تربط كمال الإيمان بتقوى الله وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله.
كما حث الرسول ﷺ على إصلاح ذات البين في مواقع عديدة كما تشير إليه الأحاديث الشريفة: “ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا بلى يا رسول الله؛ قال: إصلاح ذات البين” (رواه أحمد والترمذي وابن حبان)، “تعدل (تصلح) بين اثنين صدقة” (رواه البخاري ومسلم)؛ “أفضل الصدقة إصلاح ذات البين” (رواه البيهقي)؛ “ما عمل ابن آدم شيئا أفضل من الصلاة، وصلاح ذات البين، وخلق حسن” (رواه البخاري والبيهقي وابن عساكر)؛ “عن أبي أيوب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا أيوب، ألا أخبرك بما يعظم الله به الأجر ويمحو به الذنوب؟ تمشي في إصلاح الناس إذا تباغضوا، وتفاسدوا، فإنها صدقة يحب الله موضعها” (رواه البيهقي).
6.الرسول ﷺ قدوة في إصلاح ذات البين
مارس الرسول صلى الله عليه وسلم إصلاح ذات البين قبل البعثة مثلا حين فض الخلاف الذي كان قائما في مكة بخصوص من يعيد وضع الحجر الأسود في مكانه بعد ترميم البيت العتيق. كما مارس عليه الصلاة والسلام إصلاح ذات البين بعد الهجرة، ولعل أشهر مثال عن ذلك هو معالجة الخلاف المزمن الذي كان قائما بين الأوس والخزرج في يثرب ببناء واقع اجتماعي وسياسي جديد في ما أصبح يسمى مدينة الرسول ﷺ. وكان لصحيفة المدينة التي صاغها عليه الصلاة والسلام في السنة الأولى للهجرة دور رئيسي في ترشيد الخلاف وإحلال السلم وتعزيز التماسك المجتمعي في المدينة المنورة. وكان صلى الله عليه وسلم ما سمع بنشوب خلاف إلا وهرع لإصلاح ذات البين، فعن سهل بن سعد الساعدي أنه “بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني عمرو بن عوف بقباء كان بينهم شيء، فخرج يصلح بينهم في أناس من أصحابه” (رواه البخاري).
7.قيمة إصلاح ذات البين في التراث الإسلامي
كان الصحابة والتابعون والمتقدمون من أئمة المسلمين يحثون على إصلاح ذات البين، فالخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يفضل إصلاح ذات البين على القضاء ويوجه القضاة، ومنهم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، قائلا: “ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث الضغائن بين الناس” (رواه البيهقي وعبد الرزاق). ويروى أن الإمام أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “من أصلح بين أثنين أعطاه الله بكل كلمة عتق رقبة” (الجامع لأحكام القرآن، القرطبي). وقال الإمام الأوزاعي رضي الله عنه: “ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة في إصلاح ذات البين، ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار” (الجامع لأحكام القرآن، القرطبي). وعن محمد بن المنكدر أن أبا هريرة قال: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أصلح بين اثنين استوجب ثواب شهيد” (الجامع لأحكام القرآن، القرطبي). وجاء في الأثر، كما أشار إليه الإمام ابن القيم في كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين: “أصلحوا بين الناس، فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة”.
8.الحث على استعمال مصادر الزكاة لتمويل إصلاح ذات البين
أي عملية إصلاح ذات البين لا يمكن أن تستوي إلا إذا توفرت الموارد المالية لتصميمها وتنفيذها. والموارد المالية ضرورية في جميع مراحل العملية ابتداء من مرحلة التحليل والتشخيص، مرورا بمرحلة الحوار والتفاوض وانتهاء بمرحلة تنفيذ الاتفاق. كما تكون الموارد المالية أمرا ملحا إذا تضمن الاتفاق بين أطراف الخلاف جانبا يتعلق بالتعويضات. وقد انتبه لهذا الأمر فقهاء الإسلام فخصصوا جزءا من مداخيل الزكاة لتمويل عمليات إصلاح ذات البين، باعتباره من أهم أعمال الخير، وأدخلوا ذلك في إطار المصرف السادس للزكاة: “الغارمون”، كما جاء في الآية الكريمة ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة:60). ويرى أهل العلم أن مصرف الغارمين يشمل: “الرجل يتحمل بحمالة في […] إصلاح بين القبائل ونحو هذا” (تفسير ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)، “أهل الدين إن استدانوا […] لإصلاح ذات البين ولو أغنياء” (تفسير الجلالين)، “الغارمون لإصلاح ذات البين، وهو أن يكون بين طائفتين من الناس شر وفتنة، فيتوسط الرجل للإصلاح بينهم بمال يبذله لأحدهم أو لهم كلهم، فجعل له نصيب من الزكاة، ليكون أنشط له وأقوى لعزمه، فيعطى ولو كان غنيا.” (تفسير السعدي، تيسير الكريم الرحمن). ومن السنة النبوية الشريفة ما يؤكّد ذلك فقد قال قبيصة بن مخارق: “تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فأتَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أسْأَلُهُ فيها، فقالَ: أقِمْ حتَّى تَأْتِيَنا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لكَ بها، قالَ: ثُمَّ قالَ: يا قَبِيصَةُ، إنَّ المَسْأَلَةَ لا تَحِلُّ إلَّا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ” وأوّل ما ذكر الرسول (ص) “رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ له المَسْأَلَةُ حتَّى يُصِيبَها، ثُمَّ يُمْسِكُ.” تَحَمَّلَ حَمَالَةً أي استدان مالًا ودفعه بغرض إصلاح ذات البين.
9.عمل معهد قرطبة للسلام بجنيف
معهد قرطبة للسلام مؤسسة سويسرية مقرها بمدينة جنيف، تعمل تحت إشراف الحكومة السويسرية. كما يتمتع المعهد بالصفة الاستشارية لدى الأمم المتحدة. أنشئ المعهد في 2002 كمحاولة للمساهمة في سد الفجوة بين الكم الهائل من الخلافات التي تعصف بالعالم العربي والإسلامي ونقص القدرات والموارد في مجال ترشيد الخلاف والوقاية من العنف وبناء السلم وتعزيز التماسك المجتمعي. ومن بين الأهداف التي تم تحديدها للمعهد: إحياء موارد السلم وتمكين الفاعلين في مجال السلم داخل المجتمعات المسلمة. وأدار المعهد خلال العقدين الماضيين برامج ومشاريع تجمع بين (1) البحث التطبيقي الموجه نحو إطلاق مبادرات إصلاح ذات البين، و (2) التدريب (باللغات العربية والانجليزية والفرنسية إلى جانب لغات أفريقية) المكيف مع السياق المحلي ونوع واهتمامات المشاركين، و (3) الممارسة في مجال ترشيد الخلاف والوساطة بأنواعها، شملت عشرين دولة في العديد من المناطق الجغرافية: غرب آسيا، وشمال أفريقيا، والساحل وجنوب الصحراء، وشرق أفريقيا، وغرب القارة السمراء.
10.تمويل أنشطة معهد قرطبة للسلام بجنيف
يستفيد معهد قرطبة للسلام منذ تأسيسه من دعم مانحين غربيين بشكل رئيسي، خاصة وزارة الخارجية السويسرية، كما يتلقى أيضا تبرعات محدودة من عدد من الأصدقاء. وتصل المعهد بانتظام طلبات للعمل في مناطق أخرى لمعالجة المزيد من الخلافات، لكنه غير قادر على التجاوب مع هذه الطلبات بسبب محدودية الموارد. يحتاج المعهد إلى تأمين التمويل لمواصلة أنشطته الحالية وتطوير أنشطة جديدة، وإلى تنويع مصادر تمويله وإيجاد التوازن بين التمويل من الدول الغربية ومن الدول الإسلامية، وهذا أمر مهم لمصداقية المعهد وقبوله في السياقات التي يعمل فيها.
11.ادعم معهد قرطبة للسلام بجنيف!
يحتاج معهد قرطبة للسلام إلى دعمكم ومساهمتكم كجهة مانحة خاصة للمشاركة في تمويل المشاريع التي تساهم في تمويلها وزارة الخارجية الفيدرالية السويسرية وجهات أخرى، أو غيرها من المشاريع الجديدة. سنكون بالطبع ممتنين للغاية لأي دعم مالي، لكن بما أن بناء السلام طويل الأمد وأن مشاريع السلام تستغرق عدة سنوات لتحقيق نتائج ملموسة، فإننا نشجع المانحين على النظر في تقديم دعم منتظم على مدى فترة تتراوح بين 3 و5 سنوات.
الحساب المصرفي
إسم المستفيد | Cordoba Peace Institute – Geneva |
عنوان المستفيد | Chemin des Vignes 2bis – 1209 Genève |
إسم البنك | Banque Cantonale de Genève (BCGE) |
عنوان البنك | Case postale 2251 – 1211 Genève 2 |
رقم الحساب | T 3269.66.43 |
IBAN | CH96 0078 8000 T326 9664 3 |
BIC/SWIFT | BCGECHGGXXX |
التبرع بواسطة PayPal
التبرع بواسطة Stripe (قريباً)
إذا كنت ترغب في دعم عمل CPI في سياق محدد في المنطقة الجغرافية التي نغطيها (غرب آسيا، الساحل السواحلي لشرق أفريقيا، الصومال، غرب أفريقيا، الساحل، شمال أفريقيا) يرجى الاتصال بنا.
الصور الفنية من مجموعة المعلقات السبع للفنان العراقي ضياء العزاوي