أهمية الارتباط بين الممارسة والبحث والتدريب في مجال بناء السلم

أهمية الارتباط بين الممارسة والبحث والتدريب في مجال بناء السلم

كما لا يمكن للمرء أن يتخيّل في مستشفى جامعي جيّد غياب إحدى الركائز الثلاثة للأداء الجيّد للمؤسسة الصحية: الممارسة والتدريب والبحث في مجال الطب والعلوم الصحية، وينطبق ذلك على العديد من المجالات الأخرى للنشاط البشري لتحسين تراكم المعرفة وإدارتها وتقاسمها وتطبيقها العملي، فإنّ مجال الوقاية من العنف وترشيد الخلاف وبناء السلم، وهو يماثل الطب في مجال “الصحة الاجتماعية”، قد استفاد خلال تطوّره إلى حدّ كبير، من ثلاثية “الممارسة – التدريب – البحث” لتحسين مناهجه وأدواته وليكون أكثر فعالية وتأثيرًا.

بقلم عباس عروة

بقلم عباس عروة

كما لا يمكن للمرء أن يتخيّل في مستشفى جامعي جيّد غياب إحدى الركائز الثلاثة للأداء الجيّد للمؤسسة الصحية: الممارسة والتدريب والبحث في مجال الطب والعلوم الصحية، وينطبق ذلك على العديد من المجالات الأخرى للنشاط البشري لتحسين تراكم المعرفة وإدارتها وتقاسمها وتطبيقها العملي، فإنّ مجال الوقاية من العنف وترشيد الخلاف وبناء السلم، وهو يماثل الطب في مجال “الصحة الاجتماعية”، قد استفاد خلال تطوّره إلى حدّ كبير، من ثلاثية “الممارسة – التدريب – البحث” لتحسين مناهجه وأدواته وليكون أكثر فعالية وتأثيرًا.

فالممارسة تفتح سبلًا جديدة للبحث وتزوّد الباحثين بأفكار ومواضيع جديدة لاستكشافها بالإضافة إلى مادة خام ثمينة من الميدان قابلة للاستغلال. ويحول ذلك دون الطواف في دائرة مفرغة واستطلاع ما تمّ سبره من قبل.

للبحث وظائف مختلفة، فعندما يكون موجهًا نحو الممارسة وقابلًا للتنفيذ يساهم في ترشيد الممارسة، إذ يساعد على تحليل الخلاف وفهم السياق ووضع أفضل استراتيجية للتدخّل، وتصميم عملية بناء سلم أكثر فعالية. وعندما يكون موجّهًا نحو التنظير فإنه يساعد في وضع النظريات واستخلاص الدروس من الممارسة لتوسيع القاعدة المعرفية لمجال بناء السلم. وعندما يكون موجّهًا نحو التأثير على السياسات العمومية فإنه يساعد في تطوير رسائل فعّالة لتعزيز السلم موجّهة لصناع القرار وغيرهم من المؤثرين.

Practice Research Training arوتسمح نتائج البحث بتحسين المناهج المستخدمة في التدريب وبناء القدرات. وتساعد في تحديث الأساليب لتكون قادرة على التعامل مع الأوضاع المستجدّة والقضايا الناشئة. وتزوّد المناهج المحسّنة المتدربين بأدوات نظرية فعالة لأداء واجبهم كفواعل سلم وممارسة قائمة على أدلة نابعة عن الميدان.

هكذا تستمرّ الحلقة وتستمرّ.

منذ نشأته في عام 2002، وضع معهد قرطبة للسلام بجنيف (مؤسسة قرطبة بجنيف سابقًا) ثلاثية “الممارسة – التدريب – البحث” في صميم عمله، واستخلص من تجربته أنّه لكي تعمل هذه الحلقة بشكل فعّال وتأتي بنتائج مبتكرة في بناء السلم، يجب أن يتماشى البحث مع مهمّة واحتياجات منظمة السلم، ويجب أن يكون التدريب مناسبًا لخلفيات وخصائص المتدربين، وينبغي أن تكون الممارسة حسّاسة للسياق.

إنّ غياب أحد المكونات الثلاثة لهذا المزيج السحري، “الممارسة-التدريب-البحث”، يحرم منظمة السلم من بُعدٍ مهمّ لتعزيز السلام ويمنعها من الاستفادة من تآزر قوي قادر على تعزيز تأثير عمل المنظمة في الميدان.

 

Share this post