أبو بكر السعيد: التيار السلفي في اليمن

أبو بكر السعيد: التيار السلفي في اليمن

التأسيس والنشأة:

بدأ اول حضور معاصر للسلفية اليمنية في آواخر السبعينات حين عاد الى اليمن من السعودية الشيخ والمحدث اليمني مقبل بن هادي الوادعي وهو شيخ يمني من محافظة صعدة كان زيديا من الزيدية التي هي إحدى مذاهب الشيعة المعتدلين ثم انسلخ عنهم وتحول الى المذهب السني وتحديدا السلفي ودرس العلوم الشرعية في السعودية ثم رجع الى اليمن وأسس مدرسة دينية تعلم العلوم الشرعية والدينية من قرآن وحديث ولغة عربية وفقه الخ وذلك في قريته دماج في محافظة صعدة واشتهر هذا المركز من بداية الثمانينات وتوافد إليه الكثير من اليمنيين والعرب والغربيين ليطلبوا العلم ثم توسع تيار الشيخ الوادعي في كل انحاء اليمن وأصبح هناك عدة مدارس سلفية في عدة مناطق ومحافظات يمنية وكان هذا التيار من بداية الثمانينات الى منتصفها تيارا علميا مدرسيا غير منظم في حزب او تنظيم يهتم بنشر العلوم الشرعية ولا يقر الدخول في السياسة ويرى ان الحاكم ما دام مسلما هو ولي امر شرعي للمسلمين تجب طاعته.

الإنقسام والتشرذم:

كانت الخلافات بين الشيخ الوادعي وتلامذته موجودا منذ فترة طويلة إزاء قضايا عديدة لكنه كان سريا ولم يتبلور بشكل انقسامات وجماعات إلا عام 1988 عندما اعلن الشيخ مقبل خلافه مع بعض طلبته وانه لا يوافقهم وذلك حول شرعية التنظيم الإداري والسياسي وأصدر عدة فتاوى في تبديع مخالفيه بأنهم حزبيون ومبتدعة وعلى ضلالة ، لكن الإنسلاخ الرسمي عن جماعة الشيخ الوادعي تم في عام 1990 عندما قام ثلة من من كبار اتباعه ومناصريه بتأسيس جمعية خيرية إغاثية سموها جمعية الحكمة اليمانية الخيرية ثم تلاها آخرون حين أسسوا جمعية أخرى سموها بجمعية الإحسان الخيرية وهكذا دواليك استمر الإنقسام حتى أصبحت السلفية اليمنية عدة جماعات.

المدارس والفصائل السلفية اليمنية:

يتكون هذا التيارين عدة مدارس لكن أبرزها التيار الاول: مدرسة الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله والذي توفي في عام 2001 وخلفه تلميذه يحيى الحجوري في التدريس وإدارة المركز والاتباع حتى قام الشيعة الحوثيين في محافظة صعدة بحصار المركز في قرية دماج وقصفهم بالأسلحة الثقيلة عامي 2011 و2013 ونتج عن ذلك قتل وجرح المئات من الأطفال والنساء والشباب سواء من الطلبة او من آهالي القرية ثم هجروا جميعا في آواخر عام 2013 وأغلق المركز لكن لا زال لهم أتباعا في مناطق يمنية اخرى.

التيار الثاني وهو تيار جمعية الحكمة الذي انسلخ عن تيار الوادعي ومن أبرز رموزه الشيخ محمد المهدي، والشيخ عقيل المقطري، والشيخ عبد الله الحميري وغيرهم وكان هذا التيار يشتغل من خلال واجهته الرسمية جمعية الحكمة في العمل الخيري والإنساني ورغم انه يجيز الدخول في العمل السياسي لكنه لم ينخرط فيه طيلة العشرين السنة الماضية لكنهم في العام الماضي أعلنوا عن نيتهم تاسيس حزب سموه حزب السلم والتنمية والذي أقر رسميا واعترف به في 17 فبراير 2014

التيار الثالث هو تيار الإحسان ومن أبرز رموزه الشيخ محمد بن موسى العامري وعبد المجيد الريمي وبعد الوهاب الحميقاني، وهذا التيار لا يختلف عن تيار جمعية الحكمة عدا بعض الخلافات التي يمكن الجزم بأنها خلافات تنظيمية وفكرية مثل الموقف من تاسيس الأحزاب حيث كان يرى تيار الإحسان بعدم شرعيتها خلال عقدي العشرين السنة الماضية لكن من المفارقات انهم عقب ثورات الربيع العربي أسسوا حزبا أسموه حزب اتحاد الرشاد اليمني وذلك في يونيو 2012

التيار الثالث هو تيار الشيخ أبي الحسن السليماني الماربي وهو عالم دين سلفي مصري عايش في اليمن منذ الثمانينات وكان من مناصري الشيخ الوادعي لكن عقب وفاته الوادعي اختلف مع خليفته الشيخ يحيى الحجوري ثم استقبل بجماعته وهي متمركزة في محافظة مأرب اليمنية ولم ينخرطوا في العمل السياسي وإن كانوا منفتح على حزب الرشاد وحزب السلم والتنمية.

التيار الرابع: وهو مجمل مدارس دينية سلفية كل مدرسة تتبع شيخها ولا تختلف عن مدرسة الوداعي لكن تفرقوا عقب وفاته من هذه المدارس مدرسة الشيخ محمد الإمام في مدينة معبر بمحافظة ذمار ومدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي في محافظة الحديدة وغير ذلك مئات من المراكز والجمعيات السلفية المنتشرة في ربوع اليمن والتي تعمل كل واحدة بمفردها سواء في التدريس بالمساجد او العمل الإغاثي.

سلفيو اليمن والعمل السياسي:

كان سلفيو اليمن بمجمل فصائلهم متحفظين على الإنخراط في الأحزاب وتأسيسها بحجة انها من الديمقراطية التي تعارض الإسلام والحكم بالشريعة لكن حدث ثمة تحول من قبل تياري الحكمة والإحسان عندما عقب ثورات الربيع العربي وتأسس اول حزب سلفي في اليمن وهو حزب الرشاد وذلك في عام 2012 وأعقبه مؤخرا إعلان جماعة الحكمة تأسيس حزبهم السلم والتنمية في مطلع العام الجاري ولا يوجد غير هذين الحزبين لحد هذه اللحظة.

المنهجية السياسية والفكرية للحزبين بطبيعة الحال ان لكل حزب منهما أهدافه التي السياسية التي تختلف عن الأخر لكنهما يجتمعان في عدة نقاط منها:

  • جواز الإنخراط في العمل السياسي تحت مظلة الدولة اليمنية.
  • وأنها تنتهج العمل السلمي السياسي وسيلة للتغيير والوصول إلى الحكم.
  • أنها تقر سياسية التعايش مع بقية مكونات الشعب اليمني بكل ألوانه وأفكاره ولا تنتهج نهج العنف وترجمه.

والجدير ذكره بأنه في بداية تأسيس حزب الرشاد قبل عامين شارك في التحضير لذلك عدة رموز من تيار الحكمة مع مؤسسي الرشاد لكن حدث بينهم خلافات إدارية واتهامات متبادلة انسحب على إثرها شخصيات تيار الحكمة من حزب الرشاد والذين سيؤسسون لاحقا حزب السلم والتنمية.

Share this post