مقترح لهيئة وطنية لحصر وتنظيم حيازة السلاح في ليبيا
Proposal for a national body to regulate the possession of arms in Libya
June 2012
1- تمهيد
تمرّ ليبيا حاليًا بمرحلة حساسة من تاريخها الحديث متمثلة في الانتقال من مرحلة الثورة إلى الدولة بمفهومها المعاصر والتي قامت ثورة 17 فبراير لتحقيقها.
ونظرًا لما عاشته ليبيا إبان الثورة من فوضى وتفكك لما بقي من مؤسسات الدولة على قلّتها، خصوصًا المؤسسات الأمنية والعسكرية، وقع انتشار واسع للسلاح خارج نطاق تحكّم المؤسسات الرسمية المنبثقة عن ثورة 17 فبراير. ولا يخفى عن أيّ متابع للأوضاع في ليبيا المدى والآثار السلبية المترتّبة عن هذا الانتشار غير المضبوط للسلاح بكافة أنواعه الثقيل منه والخفيف.
وبناء عليه، تتقدّم مؤسسة قرطبة بهذا المقترح لإصدار قرار من المجلس الوطني الانتقالي بإنشاء هيئة وطنية لحصر وتنظيم حيازة السلاح.
2- ضرورة المقاربة الشاملة
يُستعمل على المستوى الدولي مصطلح “الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة”: (Small Arms and Light Weapons – SALW) (أنظر التعريف في الملحق)، وقد أطلق في السابق العديد من البرامج في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية وإرلندا من أجل الحد من تداول الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في مجتمعات تشهد انتقالا من حالة الحرب إلى حالة السلم ولذلك للمخاطر التي يشكلها تداول الأسلحة على عملية الانتقال برمتها.
وقد أكدت التجارب الدولية أن سياسة الحد من تداول الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة قد تواجه تحديات صعبة تتمثل في المطالب الآتية:
1- مطلب الاعتراف الرمزي والمادي والاجتماعي بتضحيات الثوار من طرف الحكومة والمجتمع ككلّ
2- مطلب إعادة تأهيل حاملي السلاح وإدماجهم في الحياة المدنية أو العسكرية.
3- مطلب قيام السلطة الشرعية وتعزيزها وتجاوزها لمخاطر الثورة المضادة.
4- مطلب الوصول إلى توافقات سياسية وطنية، حتى لا يخشى المواطنون أو المجموعات (أحزاب سياسية أو تكتلات فكرية أو تجمعات عشائرية) من خطورة تسليمهم للسلاح وأثره على أمنهم بإحداث نوع من عدم التوازن في القوة.
لذا ينبغي عدم مقاربة الحد من تداول الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة بمعزل عن ثلاث عمليات أساسية تعرفها المرحلة الانتقالية وهي:
ألف- عملية المصالحة الوطنية (National Reconciliation – NR)
باء- عملية إعادة البناء بعد الخلاف (Post-conflict reconstruction – PCR)
جيم- عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (Disarmament, Demobilisation and Reintegration – DDR)
دال- عملية إصلاح قطاع الأمن (Security Sector Reform – SSR)
وتتسم هذه العمليات بالتعقيد حيث أنها تنطوي على أبعاد سياسية وعسكرية وأمنية وإنسانية واجتماعية واقتصادية.
3- مهام الهيئة
1- حصر وتحديد أماكن تواجد الأسلحة بمختلف أنواعها (الثقيلة والمتوسطة والخفيفة).
2- العمل على أيجاد التشريعات والآليات والوسائل لتكون الأسلحة الثقيلة والمتوسطة تحت تحكّم الجهات الرسمية المعنية (وزارة الدفاع ورئاسة الأركان ووزارة الداخلية).
3- جمع الأسلحة الخفيفة من المواطنين فيما عدا السلاح الشخصي المرخّص له رسميًا.
4- إقامة منظومة مؤمّنة من المخازن لاستقبال الأسلحة المجمّعة.
5- وضع الاستراتيجيات والخطط المناسبة في المدى القريب والمتوسط للتعامل مع ظاهرة انتشار السلاح ودخوله وخروجه عبر الحدود.
6- التوعية الشاملة بمخاطر انتشار السلاح.
4- مبادئ عمل الهيئة
1- العمل في إطار التشريعات الوطنية المخولة لعمل الهيئة (المعمول بها أو المستحدثة)
2- العمل بالتنسيق مع برامج المرحلة الانتقالية المختلفة.
3- العمل بناء على مبدأ الشراكة والتعاون مع جميع المعنيين بالأمر (وزارة الدفاع، رئاسة الأركان، وزارة الداخلية، جهاز الجمارك، المجلس الوطني، المجالس المحلية، المجالس العسكرية، الثوار، منظمات المجتمع المدني)
4- التعاون مع الجهات الدولية الرسمية بما فيها الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية غير الحكومية ذات الخبرة في المجال للاستفادة من التجارب الدولية السابقة وتكوين الخبرات الوطنية
5- تنظيم عمل الهيئة
1- تقوم الهيئة بعد تكليفها بالعمل على صياغة نظام داخلي وفقًا لقرار إنشائها والتشريعات الوطنية المعمول بها.
2- تتقدّم الهيئة بهيكلة إدارية تغطي المدن الليبية وتأخذ بعين الاعتبار الكادر الوظيفي اللازم لإنجاز مهامها.
3- تقترح الهيئة الميزانية اللازمة لتحقيق أهدافها، بالتشاور مع الجهات المعنية.
6-ملحق: تعريف الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة
الأسلحة الصغيرة هي تلك الأسلحة المصممة للاستعمال الفردي وتشمل المسدسات ذات الطاحونة والمسدسات ذات التعبئة الذاتية والبنادق، والبنادق القصيرة والرشاشات نصف الآلية والبنادق الهجومية والرشاشات الآلية الخفيفة.
الأسلحة الخفيفة هي الأسلحة المصمَّمة لاستخدام شخصين أو ثلاثة يشكلون طاقماً على الرغم من أنه يمكن حملها واستخدامها من قبل شخص واحد. وتشمل الأسلحة الخفيفة الرشاشات الثقيلة ومدافع الهاون بعيار يقل لا عن 75 مم والقنابل اليدوية وقاذفات القنابل المحمولة باليد والمتنقلة والمركبة على آليات والمدافع المحمولة المضادة للطائرات والمضادة للدبابات والبنادق العديمة الارتداد والقاذفات المحمولة لإطلاق القذائف وأجهزة لإطلاق قذائف ومنظومات محمولة صاروخية مضادة للدبابات.
في حين أن الأسلحة الخفيفة مصمَّمة كي تستخدمها القوات المسلحة، فإن لها مزايا فريدة تجعلها ذات ميزة خاصة للحرب غير النظامية أو حرب العصابات. فمدافع الهاون والمدافع المضادة للطائرات، على سبيل المثال، تسمح بعمليات متحركة إلى حد كبير كثيرا ما تتسبب في حدوث خسائر فادحة بين المدنيين إذا استُخدمت استخداما عشوائيا.
وقد أدى انخفاض تكلفة الأسلحة الصغيرة إلى أنها أصبحت في متناول أطراف فاعلة ليست تابعة للدولة. ولا تحتاج الأسلحة الصغيرة إلى أي صيانة تُذكر، ولذا فإنها تبقى في الخدمة لمدة 40 عاماً أو أكثر. ويمكن إخفاؤها بسهولة. ويمكن حتى للأطفال الصغار استخدامها بأقل قدر من التدريب. ولا تصبح الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة مميتة دون وجود الذخيرة.
وهكذا تشكل الذخيرة والمتفجرات والأجهزة المتفجرة جزءا لا يتجزأ من الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة المستخدمة في الصراعات. كما أن الألغام الأرضية المضادة للأفراد تعد من بين الأسلحة الصغيرة، ولكن مؤتمر الأمم المتحدة المقبل المعني بالأسلحة الصغيرة لن يتطرّق إليها حيث تتناولها محافل دولية أخرى كمسألة منفصلة.