الوضع في اليمن أعقاب ثورة 11 فبراير 2011م

الوضع في اليمن أعقاب ثورة 11 فبراير 2011م

التعريف بثورة 11 فبراير

بقلم: عبد الناصر الخطري

التعريف بثورة 11 فبراير

هي سلسلة من الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في اليمن مطلع العام 2011م، واستمرت فعلياً حتى انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيساً للبلاد في فبراير 2012م، وظلت الاعتصامات والمظاهرات تقام من فترة لأخرى حتى قيام الرئيس هادي بتفكيك شبكة أقارب صالح من الجيش والمناصب العليا ضمن خطوات إعادة هيكلة الجيش اليمني ، وفي يوم 18 أبريل 2013 رفعت آخر الخيام من ساحة التغيير بصنعاء وأعلنت تنظيمية الثورة تعليق الاعتصامات والمظاهرات لأول مرة منذ فبراير 2011م، [ويكيبيديا- الموسوعة الحرة].

وقد بدأت المظاهرات بتاريخ 15 يناير 2011م، إلا أن القوى الثورية أجمعت على تسميتها ثورة 11 فبراير اليوم الذي أُعلن فيه سقوط الرئيس المصري محمد حسني مبارك؛ لتوسع المظاهرات في هذا التاريخ في مختلف المحافظات اليمنية.

أسباب اندلاع الثورة

كان للثورة اليمنية أسباب كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية، بل تشمل مناحي الحياة جميعا فهي ثورة لاستعادة الكرامة، ومن تلك الأسباب:

1- حالة الانسداد السياسي:

سعى الرئيس السابق عبر سلسلة من الأزمات وتزوير الانتخابات إلى إقصاء القوى السياسية والانفراد الكامل بالسلطة، فأزمة 93 انتهت بحرب 94 وأدت إلى إقصاء الحزب الاشتراكي الشريك في قيام الجمهورية اليمنية، وانتخابات 97 أقصت الإصلاح الشريك في حرب 94.

وخلال هذا الفترة وما بعدها تم بعثرة الجيش القديم الذي كان يقوده رفقاء صالح، بدءا بمقتل اللواء محمد إسماعيل عام 99 وشن حروب استنزاف في صعدة 2004- 2010م لإنهاء الفرقة بقائدها اللواء علي محسن، ليخلو الجو للأولاد حيث عين الرئيس ولده أحمد للحرس الجمهوري ، وابن أخيه يحيى للأمن المركزي ووحدة مكافحة الإرهاب، وعمار للأمن القومي، وطارق للحرس الخاص .

وفي 28 أكتوبر تشرين الأول 2010 وصل الرئيس السابق إلى قناعة بأن توريث البلاد للأولاد أصبح جاهزا وأن المسألة مسألة وقت، فأعلن عن القيام بإجراء تعديلات دستورية تلغي تحديد شغل الرئاسة لدورتين وجعلها مفتوحة وهو ما عبر عنه البرلماني سلطان البركاني بـ “قلع العداد”، بما يفضي إلى التأبيد والتوريث؛ لهذا اندلعت الثورة ورفعت شعار إسقاط النظام لأنه لم يعد قابلا للإصلاح.

2- سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية:

تشير مصادر الأمم المتحدة إلى أن 31.5% من السكان يفتقرون إلى “الأمن الغذائي” بينما 12% منهم يعانون من “نقص غذائي حاد”. ويعيش نحو 40% من سكان البلاد البالغ عددهم 23 مليون شخص تحت خط الفقر (أقل من دولارين في اليوم الواحد)؛ فخرج الثوار للتنديد بالبطالة والفقر، وينشدون حياة كريمة.

3- انتشار الفساد:

كانت الحكومة اليمنية من الحكومات الأكثر فسادا، جاء ترتيب اليمن في المرتبة 164 من 182 دولة شملها تقرير الشفافية الدولية لعام 2011 المعني بالفساد، ولا تتجاوزه دول عربية أخرى سوى العراق والصومال [ ويكيبيدياء الموسوعة الحرة ].

وقد شمل الفساد كل مناحي الحياة، وتواجد في جميع المؤسسات بما فيها المؤسسات العلمية والعسكرية.

تحول الثورة إلى أزمة

لا يختلف اثنان أن ثورة 11فبراير فشلت في تحقيق الأهداف المنشودة والغايات المرجوة التي قامت لأجلها , المتمثلة في اسقاط النظام كليا , ولم يتحقق لها سوى إسقاط شخص الرئيس مع ا بقاء منظومته الرئاسية والحكومية كاملة , وقد كان لهذا الفشل جملة من الأسباب المحلية والخارجية نجملها في الآتي:

1- الأسباب المحلية الخاصة، وتتمثل في:

– تسلق الأحزاب وركوبها موجة الثورة ، حيث استفاد النظام السابق من هذه الورقة بالذات لتهييج مشاعر الشعب والاغلبية العظمى من الجماهير اليمنية ضد مخاطر الاحزاب المتسلقة على الثورة , وركوب الموجة الثورية لتحقيق اهدافها واجندتها الخاصة ، لاسيما وأن أغلب الأحزاب كانت جزءا من النظام في فترات سابقة.

– انضمام بعض العناصر المحسوبة على النظام القديم للثورة ، فقد أحسن النظام استغلال هذا التحول المفاجئ لصالحة وتوظيفه التوظيف الأمثل في شن حرب إعلامية ضد الرموز العسكرية والقبلية المنضمة والمؤيدة للثورة الشبابية والتشكيك في مدى جديتها ومصداقيتها في إحداث التغيير , وتصوير الأمر برمته أن الثورة مجرد أداة لتصفية حسابات خاصة قديمة بين أقطاب النظام الواحد.

2- الأسباب الخارجية والدولية ، وتتمثل في:

التدخل الإقليمي والدولي ، حيث لعب هذا التدخل دورا هاما ومؤثرا في إنقاذ النظام المتهاوي , وتحويل الأمر إلى مجرد أزمة سياسية مفتعلة بين أقطاب النظام الحاكم والمعارض , مما ساعد على خروج الرئيس من قمة النظام الحاكم وبأقل التكاليف والخسائر الممكنة وبحصانه كاملة , عبر اتفاق المبادرة الخليجية التي كانت بمثابة طوق النجاة للنظام ومحطة انتظار مؤقتة للعب الدور الخفي في تسيير الأمور والنظام من خلف ستار ، واستراحة محارب للعودة مجددا من الباب الخلفي. كما ساهمت المبادرة الخليجية و الانتخابات الرئاسية في شق الصف الثوري ما بين مؤيد ومعارض لها.

مرحلة الحوار الوطني

بدأ الحوار الوطني جلسته الأولى في 18/ 3/ 2013م وكان هناك ملامح لفشل الحوار منذ البداية وأهم تلك الملامح:

  1. اللعب بنسب التمثيل، فقد مثلت بعض القوى بأضعاف حجمها على الأرض وهضمت قوى أخرى ولم تعط الحجم المناسب.
  2. إقصاء بعض المكونات المجتمعية والقبلية والحزبية من الحوار.
  3. اختيار بعض الممثلين عن بعض المكونات دون ترشيح من مكوناتهم، كاختيار ممثلي الجنوب.
  4. التعامل المزدوج في معايير وشروط القبول بالجماعات المتحاورة، ففي الوقت التي تم رفض تمثيل أنصار الشريعة في الحوار بحجة حملهم للسلاح، تو القبول بالحوثيين مع حملهم للسلاح وسيطرتهم على محافظة صعدة، ونتيجة لقبولهم مع حملهم للسلاح فقد بقي الجناح المسلح يتوسع على الأرض تحت مضلة الحوار .
  5. دخول بعض المكونات في الحوار مع عدم اقتناعهم بمرجعيته، فقد بادرت جماعة الحوثي في رفض المبادرة الخليجية ، وفي نفس الوقت شاركت في الحوار المنبثق عن المبادرة نفسها وهذا التناقض ولد تناقضا على الأرض، فقد شارك ممثلون عن الجماعة في الحوار، بينما بقي جزء منهم معتصما في الساحات على الرغم من أن المبادرة نصت على رفع الاعتصامات.

ومع هذا فقد حرصت أغلب القوى المشاركة في الحوار على نجاحه ، وفعليا عقد المؤتمر آخر جلساته بتاريخ 25/ 1/ 2014م ، ووقع الجميع على الوثيقة النهائية باستثناء جماعة الحوثي، حيث صرح الناطق الرسمي للحركة قائلاً: “نحن لم نوقع على هذه الوثيقة ونعتبرها لا تمثل حلاً لا للقضية الجنوبية ولا للقضايا الوطنية العالقة وتم التقسيم وفق هوى سياسي”. (موقع قناة العالم 10/ 2/ 2014م) ، وما ذاك إلا أن من أبرز مخرجاته تحول اليمن إلى نظام اتحادي مقسم إلى ستة أقاليم، وهذا مالم ترتضيه بعض المكونات الجنوبية التي كانت ترغب في تقسيم اليمن إلى اقليمين، شمالا وجنوبا مما يسهل عملية الانفصال مستقبلا، وكذا جماعة الحوثي التي كانت ترغب في الحصول على إقليم يضم صعدة وعمران وحجة والجوف ليكون لها عاصمة وميناء ومورد نفطي.

الثورة المضادة وسقوط صنعاء

مثل الرفض الحوثي لوثيقة الحوار، وكذا رفض النظام السابق المتمثل في حزب المؤتمر لبعض المخرجات وأهمها مخرجات فريق العدالة الانتقالية، مثل هذا وذاك النواة والمرتكز للتحالف الجديد للقيام بالثورة المضادة، والانقلاب على مخرجات الحوار ، فقد قامت الجماعة بتصعيد أعمالها العسكرية على الميدان بمساندة الرئيس السابق، فتم تهجير سكان دماج، ثم التقدم نحو حاشد فعمران وصنعاء فبقية المحافظات الشمالية بمبررات مختلفة، وأكتفي هنا بالحديث عن سقوط صنعاء باعتباره الحدث الأهم.

ففي نهاية شهر أغسطس، قرّرت الدّولة رفع الدعم عن المشتقات النفطية بنسبة تتجاوز ال 50%.فشكّل ذلك القرار فرصة ذهبيّة لجماعة الحوثي لاتخاذه مبررا لدخول صنعاء، فأعلنت رفضها وتصدرت الحديث باسم الشعب الجائع والمظلوم.

وعلى وقع الفوضى، بدأت التنفيذ وحشدت مسلحيها من مختلف المحافظات لمحاصرة العاصمة، مهددة باقتحامها إن رفضت مطالبها الثلاثة: تغيير الحكومة بحكومة شراكة وطنية (وهذا من مخرجات الحوار)، إلغاء الجرعة السعريّة على المشتقات النفطية (رغم أن الزيادة كانت مقرة من مجلس النواب في عهد الرئيس السابق) ، تنفيذ مخرجات الحوار (التي لم توقّع عليها أصلاً).

وبالرغم من لجان الوساطات وآخرها زيارة مندوب ابن عمر بنفسه لزعيم الجماعة، ورغم التنازلات والتراجع عن قرار الجرعة جزئيا، وتقديم رئيس الوزراء استقالته، إلى أن الجماعة أصرت على تنفيذ المخطط الذي رسمته أو رسم لها فأصرت على دخول صنعاء بذريعة إسقاط الجرعة ودخلت فعليا بتاريخ 21 سبتمبر 2014م، وكانت الوجهة نحو الفرقة الأولى مدرع التي أيدت ثورة 11فبراير، بقيادة علي محسن، وجامعة الإيمان المشرعنة للثورة بالفتوى التي صدرت من مشايخها ، ومقرات حزب الإصلاح وبيوت قياداته وناشطيه الذين كانوا المحرك الفعلي للثورة، وإغلاق قناة سهيل الناطق الوحيد باسم الثورة…وبهذا قضي على ما تبقى من ثورة 11فبراير، وطمس أي معلم يذكر بها، وإعلان ما حصل في 21سبتمبر ثورة بديلة عن ثورة 11فبراير، ولا يخفى على متابع أن هذا هو ما حصل بمصر تماما مع اختلاف المنفذ.

كيف استطاع الحوثيون دخول صنعاء في ساعات؟

المتابع لوضع الحركة الحوثية يجد أنها كانت تعجز عن السيطرة على مناطق صغيرة في أشهر كعجزها مثلا عن السيطرة على منطقة دماج خلال ثلاثة أشهر وتم تهجير أهلها باتفاق أشرف عليه ممثلون عن الدولة، فكيف استطاعت رغم هذا الضعف إسقاط العاصمة في ساعات؟

والحقيقة تقول: إن الحوثي لم يسقط صنعاء بمفرده، بل كان هنا تحالف داخلي وتأييد إقليمي ودولي عبر عنه رئيس الجمهورية في خطابه أمام المسئولين من رؤساء ووزراء ونواب في نظامه في 23/ 9/ 2014م أي بعد سقوط صنعاء بيومين كما نقلته وكالة الأنباء اليمنية سبأ حيث قال ما يلي: “أخاطبكم في هذه اللحظة العصيبة من تاريخنا اليمني وأنا مدرك تماما صعوبة الأيام الفائتة، وأدرك أنكم جميعا تشعرون بالصدمة مما حدث ومن تسليم بعض مؤسسات الدولة ووحدات الجيش بالصورة التي شاهدناها، ولكن عليكم أن تعرفوا أيضا أن المؤامرة قد كانت فوق التصور، وأننا طُعِنّا وغُدرنا”. وقال: “إنها مؤامرة تعدت حدود الوطن، تحالفت فيه قوى عديدة من أصحاب المصالح التي فقدت، ومن الانتهازيين الذين نراهم في كل فاجعة يأكلون من كبد هذا الوطن”. وكان هادي قد هاجم إيران كما جاء في (العصرية نت بتاريخ 15 سبتمبر 2014) قائلاً: «حذرنا مرارا من أي تدخل في شؤون اليمن الداخلية، ولكن ما يحدث ربما هي رسائل من أجل فرض الهيمنة الإقليمية وتعريض اليمن للمخاطر الكبيرة، وهناك أدلة تثبت تدخل إيران في شؤون اليمن».

فقد تحالف الحوثيون داخليا مع النظام السابق وأجنحته العسكرية، وهذا ما اعترف به ناطق الحوثيين على قناة الجزيرة، كما أن القرار الأخير لمجلس الأمن القاضي بفرض عقوبات على الرئيس السابق وقياديين من الحوثيين يدل على أن الداخل والخارج يدرك هذا التحالف.

أما الدعم الخارجي، فقد تمثل في الرغبة الإقليمية والدولية في إقصاء الإسلام الساسي السني من موطن القرار، ولا أدل على الرضى والدعم من بقاء كافة السفارات مفتوحة قبل وبعد سقوط صنعاء، بل ظهر التأييد علنا: فقد جاءت التصريحات الإيرانية عقب سقوط صنعاء بأن ما حصل إنما هو امتداد للثورة الإسلامية الإيرانية، كما أن أمريكا ظهرت بشكل مباشر جنبا إلى جنب بطائراتها تقاتل بجانب الحوثيين في حربهم القبائل في رداع بحجة محاربة الارهاب، فكل الحقائق إذا تؤكد أن المليشيات الحوثية كانت مجرد أدوات لتنفيذ مخطط يهدف إلى ضرب القوى الوطنية والتي تسمى بـ” القوى التقليدية “.

اتفاق السلم والشراكة

على وقع الصدمة وفي نفس اليوم الذي سقطت فيه صنعاء في 21/9/2014م، وقعت القوى السياسية اتفاقا عرف بـ “اتفاق السلم والشراكة الوطنية” رغبة في إخراج البلد من دوامة العنف، وقد لاقى التوقيع تعنتا من الحوثيين إلى حد الرفض للتوقيع على ملحقه الأمني، ثم تم التوقيع عليه بعد أسبوع من تاريخ توقيع الاتفاق.

وقد شكل هذا الاتفاق انتصارا سياسيا للحوثيين، حيث اعتبروه لا غيا للمبادرة الخليجية التي كانوا رافضين لها، فقد صرح الناطق باسمهم أن المبادرة الخليجية انتهت إلى غير رجعة، مشيراً إلى أن اتفاق السلم والشراكة يوثق عقداً سياسياً بشراكة سياسية جديدة ترتكز على مخرجات مؤتمر الحوار وتلبية للمطالب الشعبية. (نبأ أون لاين 25/ 4/ 2014م)، كما أن مباركة المجتمع الإقليمي والدولي للاتفاق، دون أدنى إدانة أو عقوبة على ما حصل رغم صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2140)، بتاريخ 17/ 2/ 2014م، بإدراج المعرقلين للعملية السياسية تحت البند السابع – رغم عدم رغبتنا في القرار وفي الوصاية الدولية- ، فظهر القرار وكأن المقصود به فصيل بعينه كان المتوقع منه أن يقف في وجه الجماعة!!!؛ لكنه أدرك حجم المؤامرة وانسحب بصمت، ثم جاء قرار العقوبات مؤخرا على الرئيس السابق وقياديين من جماعة الحوثي، كذر الرماد في العيون وهو قرار لن يؤثر في مجريات الأحداث؛ بل يراه البعض عقوبة على اليمنيين وليس على المعرقلين.

تم الاتفاق ومضى على توقيعه حتى اللحظة أكثر من شهر ونصف دون إحراز تقدم حقيقي على الأرض، فلا زال الاتفاق “حبرا على ورق” في ظل تمدد جماعة الحوثي عسكريًا في عدد من المحافظات أبرزها الحديدة وحجة (غربا)، وإب وذمار (وسط البلد)، ومحاولة التمدد في البيضاء، إضافة إلى أن مليشيات الجماعة لا تزال منتشرة في شوارع العاصمة صنعاء، فلم ينفذ من بنود الاتفاق سوى تعيين مستشارين للرئيس، وتشكيل الحكومة التي لا زالت محل نظر عند الجماعة، ويرى مراقبون أنها ستكون أشبه بـ” حكومة ظل” في ظل التمدد الحوثي داخل المدن اليمنية، ورفضها لكل الاتفاقات التي تقضي بخروج مسلحيها من العاصمة وبقية المحافظات.

التداعيات المستقبلية

مع سقوط صنعاء سقطت البلاد في اتون الفوضى والعنف المفتوحة، فالبلاد تعيش حالة اللادولة، وبغياب الدولة وقيام المليشيات بدورها وانسحاب القوى السياسية عن مواجهة الجماعة ، برز دور القبائل الرافضة للتواجد الحوثي في مناطقها، حيث عقد أكثر من حلف بين القبائل في البيضاء ومأرب والجوف وغيرها من المناطق، وهذا يشير إلى أن البلد قد تدخل في صراعات لها أول وليس لها آخر إلا أن يشاء الله.

كما برز دور القاعدة “أنصار الشريعة” في مواجهة الجماعة في المناطق التي تقصدها الجماعة بحجة محاربة الارهاب، وقد خلق هذا تعاطفا شعبيا وحاضنة لتنظيم القاعدة في كثير من المناطق، لا سيما في ظل مساندة الطيران الأمريكي للحوثيين.

وصار القضاء على القاعدة أمرا صعبا في ظل تواجد جماعات مسلحة أخرى تفرض سيطرتها وتتمدد بقوة السلاح على حساب سيادة الدولة، فجماعات العنف متكاملة وتستمد كل جماعة قوتها من بقاء الجماعة الأخرى ومن غياب الدولة قبل ذلك.

كما أن سقوط صنعاء بيد مليشيا الحوثي أعاد القضية الجنوبية جذعة وارتفعت الأصوات المنادية بالانفصال من جديد، بعد أن خفتت أثناء وعقب الحوار ، ولا زال اعتصام الجنوبيين قائما في عدن من 14/ 10/ 2014م وحتى اللحظة.
ومن ناحية أخرى فإن بعض القوى المتحالفة مع الحوثيين في الداخل، وبعض القوى التي دعمتهم في وقت ما من الخارج صارت تشعر بخطر ما أقدمت عليه حيث وصل التوسع الحوثي لأبعد مما رسم له، وهذا يوحي بأن البلد قد تشهد في المستقبل القريب صراع بين الحلفاء في الداخل؛ بل قد يتحول البلد إلى ساحة صراع إقليمي ودولي !!!!

وللخروج من هذا وذاك لا بد من العمل بجد في بناء دولة المؤسسات، والدفع نحو تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، والاتفاقيات التي تبعت ذلك كاتفاق السلم والشراكة، والتوعية المجتمعية بقيم التعايش والقبول بالآخر في ظل دولة مؤسسات تعامل الجميع وفقا لدستور ونظام وقانون يساهم في وضعه الجميع.

بقلم: عبد الناصر الخطري

ورقة مقدمة في الاجتماع الثامن لمنتدى قرطبة الآن

 

Share this post