ما الذي يحدث في اليمن؟

ما الذي يحدث في اليمن؟

بقلم: حزام الأسد

للعلم بأن معظم مشاكل وأزمات اليمن هي نتاج لتراكمات الفشل السياسي والمنهجيات الخاطئة التي استمرأتها القوى السياسية المسيطرة على الحكم في البلاد طيلة الخمسة العقود الماضية والتي ثار الشعب اليمني عليها في فبراير 2011م في ظل ثورات الربيع العربي لتعيد نفسها من جديد عبر ماسمي بالمبادرة الخليجية ليصنع الشعب اليمني بمختلف تكويناته ثورة جديدة لتصحيح المسار عبر ثورة 21 سبتمبر من هذا العام.

للعلم بأن معظم مشاكل وأزمات اليمن هي نتاج لتراكمات الفشل السياسي والمنهجيات الخاطئة التي استمرأتها القوى السياسية المسيطرة على الحكم في البلاد طيلة الخمسة العقود الماضية والتي ثار الشعب اليمني عليها في فبراير 2011م في ظل ثورات الربيع العربي لتعيد نفسها من جديد عبر ماسمي بالمبادرة الخليجية ليصنع الشعب اليمني بمختلف تكويناته ثورة جديدة لتصحيح المسار عبر ثورة 21 سبتمبر من هذا العام.

“قوى النفوذ والتدخلات الخارجية علاقة طردية لمصالح مشتركة”

دائما ماتسعى قوى النفوذ في اليمن لاسترضاء بعض الدول الاقليمية والدولية على حساب استقرار وأمن البلد، من خلال ديمومة الصراع وتغذية بؤر التوتر إذ أن الجمهورية اليمنية لم تشهد أي استقرار خلال العقود الماضية باستثناء ثلاث سنوات هي فترة حكم الرئيس الراحل ابراهيم الحمدي.

حيث شهدت اليمن حروب مدمرة ترتقي الى جرائم الإبادة بحق الإنسانية سواء ماحدث في نهاية الستينات باستهداف الهاشميين وكل من تعاطف معهم أو ماشهدته الثمانينيات من حروب المناطق الوسطى أو حرب صيف 1994م بحق أبناء المناطق الجنوبية التي سميت بحرب الردة والانفصال، كذلك الحال في الحروب الست الظالمة والمدمرة التي شنّها النظام على أبناء محافظات شمال الشمال والتي عرفت بقضية صعدة أو الحوثيين التي استمرت طيلة ست سنوات اشتركت فيها دول اقليمية ودولية بصورة مباشرة وبدعم لوجستي للنظام الحاكم وغطاء اعلامي كبير لتبرير شن الحرب تارة بمبرر مناطقي وتارة أخرى بمبررات طائفية ومرات لمبررات أمنية وسيادية لتنتهي تلك الحروب والمئاسي باعتذار السلطة عن تلك الجرائم واعتبرتها خطأ لن يتكرر وتعهدت بتعويض كل من تضرر وهو الأمر الذي لم يتحقق الى الآن !!

ـــــــ

“الطائفية نبرة مصطنعة وكلمة مستوردة في بلد لايعرفها ومعظم المشاكل في اليمن سياسية”

كثير من المواطنين اليمنيين لايعرفون مامعنى السنة أو الشيعة، الزيدية او الشافعية، السلفية أو الصوفية تلك المصطلحات التي دائما ما تتناولها وسائل إعلام التحريض والتي للأسف معظمها يمول من أنظمة اقليمية عربية بل وشقيقة لليمن وجارة لتوظف تلك المصطلحات والمسميات لغرض إذكاء صراع افتراضي بين من يمثلون التعايش في البلد، اليمنيون يعرفون جيدا بأن السياسة الفاشلة لا تمثل مذهب أو فصيل أو طائفة بقدر ماتمثل من يمعن في ذلك الفشل ويستمرأ في تلك السياسات، ويوظف فشله لاعتبارات آخرى، وهو الأمر الذي حدا باليمنيين عبر ثورة 2011م الى الخروج والمطالبة عبر ثورة شعبية برحيل مراكز القوى والنفوذ المتمثلة بجناحيها علي صالح وعلي محسن، مما جعل تلك القوى وذلك النظام يغير من استراتيجيته في التعاطي مع هذه الثورة بالتعاون والتسيق مع بعض الدول لمواجهة مطالب الثوار المتمثلة برحيل اركان النظام عن السلطة فقامت تلك القوى بالالتفاف على الثورة واهدافها التي يتطلع اليها ابناء اليمن لبناء دولة مدنية حقيقية ديمقراطية تؤمن بالتعددية وتؤسس للشراكة الوطنية وبالفعل تم الالتفاف على ثورة فبراير 2011م باعادة النظام بجناحية عبر ماسمي بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي اعطت الحصانة لراس النظام واركانه وكل من عمل معهم من أي ملاحقات قانونية جنائية وتقاسم طرفا النظام ماكانا يتقاسمانه من قبل (الثروة والسلطة) ومع هذه المبادرة التي اعطت كل طرف من أطراف النظام حرية التصرف بماتحت يده من مؤسسات للدولة (وزارات ودوائر الحكومة) فتم افراغ كثير من موظفي القطاع العام والمختلط وتحويلهم الى ما يشبه العاطلين وتم ايقاف أي توظيف جديد لاربع سنوات قادمة من تاريخ تشكيل حكومة المبادرة لذوي الاختصاصات المختلفة من عامة الشعب في نفس الوقت الذي تم تجنيد مايزيد على المأتين الف مجند لصالح فصيل وحزب علي محسن الأحمر المتمثل بحزب الاصلاح في ظل انهيار وفشل اقتصادي كبير وتضخم للعملة وزيادة التهرب الضريبي والجمركي والدفع في ذلك الاتجاه عبر مايسمى باعفائات المنظمين للثورة من الجمارك والضرائب ! بالاضافة الى الفشل الامني الكبير والذي وصل حد الفراغ الامني في كثير من المناطق اليمنية بسبب سوء الادارة والتحزب الوظيفي والاستغلال الخاطئ للسلطة حيث وصل الحال بالشرطة والجيش الى التحول الى اقطاعيات خاصة لحراسة أراض ومنشآت منهوبة لصالح قيادات عسكرية وحزبية ومنازل ومواكب تلك الشخصيات بالاضافة الى الزج بها في حروب ومشاكل شخصية وحزبية لصالح نافذين في السلطة كما حصل في حجة والجوف وعمران ومحافظة صنعاء، في ظل ازدياد معدل الجريمة والاغتيالات التي أصبحت شبه يومية وعلى وجه الخصوص في العاصمة صنعاء وبعض عواصم المحافظات ودخول قوارب الصيد الاجنبية الغير مرخصة الى المياه الاقليمية اليمنية بتواطئ بعض الشخصيات النافذة في السلطة لاستنزاف ونهب ثروة اليمن البحرية بوسائل حديثة ومدمرة للثروة البحرية بالاضافة الى انتشار ما يسمى بتنظيم القاعدة عبر تنسيق وتعاون من اركان النظام واستهداف المنشآت العسكرية والامنية وتدخل الطيران الامريكي من دون طيار لإعطاء هذا التنظيم تعاطف اكبر عبر التدخل في سيادة البلد واستهدافه للمدنيين الابرياء في أكثر من منطقة، وكذا امعان السلطة في تهميش بقية مكونات المجتمع اليمني بمختلف اطيافه السياسية والاجتماعية والفكرية وتجاهل طرفاء المبادرة مطالب الجنوبيين وكذالك المتضررين من الحروب الست في المحافظات الشمالية بالاضافة الى زيادة قمع الحريات الصحفية والفكرية والسياسية فقد شهدت فترة المبادرة زيادة في حجم انتهاك حقوق الانسان مقارنة بما سبقها من فترات، كل ذلك جعل لزاما على اليمنيين الضغط باتجاه حوار حقيقي يمثل مختلف التكوينات والتوجهات السياسية والفكرية والاجتماعية وهو ما حصل بالفعل حيث مثل ذلك الحوار الوطني الشامل الذي يعتبر مطلب شعبي نابع عن قناعة معظم شرائح المجتمع اليمني وليس لكونه منصوص في المبادرة الخليجية التي لا تمثل سوا طرفي النظام الموقعين عليها.

ــــــــ

“المكونات السياسية الجديدة على الساحة اليمنية والحوار الوطني”

مثل الحوار محطة هامة للتحول نحو بناء الدولة اليمنية المنشودة بالرغم من محاولة بعض القوى افشال هذه الفرصة التاريخية عبر استهداف بعض المكونات الجديدة والرئيسة الداخلة في المعادلة السياسية على الساحة الوطنية حيث تم استهداف مكون أنصار الله منذ اول يوم انعقد فيه الحوار 18 مارس 2013م باستهداف ساحتهم الثورية واقتحامها وسقوط القتلى والجرحى وهو مازاد ذلك المكون اصرارا على المضي بالنهج الحواري السلمي ليتحول الاتجاه نحو استهداف قياداتها المشاركة في الحوار بالاغتيالات بدءاً باستهداف عضو الحوار عبدالواحد ابوراس وسقوط عدد من مرافقيه قتلا وجرحا واستمر مكون انصار الله (الحوثيين) بذلك النهج الحضاري لتتم بعد ذلك تصفية القيادي فيها وعضو الحوار الدكتور عبدالكريم جدبان ثم يستهدف بعده باسابيع الاكاديمي وفقيه الدستور والقانون الدولي وعضو الحوار القيادي في انصار الله الدكتور أحمد شرف الدين وهو في طريقه الى مقر انعقاد مؤتمر الحوار الوطني كل ذلك في ظل انعقاد جلسات الحوار وكل استهداف طال تلك القيادات وهم عزل من السلاح ولا يحملون غير الاوراق والاقلام والافكار التي تتطلع الى النور القادم والامل الواعد والغد الاجمل كانت تغطى تلك الجرائم اعلاميا بصورة مشوهة من قبل وسائل مراكز النفوذ والقوى المتضررة من اتفاق ابناء هذا البلد المنهك أملاً منها في خروج مكون أنصار الله من مؤتمر الحوارالوطني وهو مالم يتم، بعدها دشنت تلك القوى وفي أثناء انعقاد مؤتمر الحوار اعلان الحرب الميدانية على مكون انصار الله في عدة جبهات ومحاور في دماج وكتاف وحرض وخيوان ودنان حاشد وارحب والجوف وبمشاركة عسكرية واسناد من بعض وحدات المجندين مؤخرا على أسس حزبية وبمشاركة إعلامية تحريضية من بعض دول الجوار محاولة بذلك ارغام القوى السياسية الجديدة المتمثلة بانصار الله على الخروج من مؤتمر الحوار الوطني والعودة الى مربع الصراعات التي دائما ماكانت تدر على تلك القوى الاموال من الخارج كما في الحروب الست السابقة والتي كشفت وثائق ويكليكس عن أن النظام اليمني في صنعاء كان يبتز الادارة الامريكية والسعودية اموالاً بغرض استمرار الحرب في صعدة مصورا لهم بأن الحرب التي يخوضها النظام اليمني هي حرب بالوكالة عن امريكا والسعودية في مواجهة ما اسمي بالتدخلات والتمددات الايرانية ولتصبغ تلك الحروب والاعتدائات بصبغات مناطقية وطائفية بالرغم من عدمية وجود تلك الصبغات على الواقع فانصار الله (الحوثيين) مثلا هم مكون سياسي واجتماعي في مختلف المناطق اليمنية وفي معظم المحافظات والمديريات ومن مختلف التوجهات المذهبية والمناطقية فمنهم الزيدي والشافعي الصوفي والسلفي، الشمالي والجنوبي التهامي والصحراوي والجبلي وقد مثل ذلك التنوع في تنوع ممثليهم في مؤتمر الحوار الوطني، الذين ساهموا مساهمة فاعلة في صياغة مخرجات الحوار الوطني لتتنصل السلطة وتلك القوى من جديد عن تنفيذ تلك المخرجات.

ــــــــ

“مخرجات الحوار الوطني عام من المماطلة والتسويف”

بعد ما يقارب العام على انتهاء مؤتمر الحوار الوطني لم يلمس المواطن أي جدية من قبل السلطة في تنفيذ ماتم الاتفاق عليه من مخرجاته بل استمرت في منهجية الفساد والاقصاء والعبث بالمال العام ومقدرات البلد والذي أوصل البلاد الى الفشل الذي كاد ان يدخل البلد في شلل تام ووصل الحد أن تتخذ السلطة قرار تثقل به كاهل المواطن اليمني عبر جرعة سعرية وصفت بالقاتلة تزيد به نسبة الفقر والبطالة وترفع به اعداد المشردين من اطفال المدارس والمتسللين من الشباب العاطلين عن العمل للاغتراب والبحث عن مصدر دخل في دول الجوار والذين يلاقون اشد انواع البؤس والهوان والاذلال من قبل السلطات في تلك الدول كما تزيد هذه الجرعة من نسبة الجريمة والفشل الامني والتفكك الاجتماعي والأسري، حيث اقرت السلطة رفع أسعار المشتقات النفطية بمايقارب 100% اضافة الى الجرعة السعرية السابقة التي انزلتها مع تشكيل حكومة المبادرة في 2011م والتي تقترب في زيادتها السعرية من نفس النسبة المرفوعة في الجرعة الأخيرة، الأمر الذي ضاعف معاناة المواطن وجعل الشعب اليمني بمختلف تكويناته السياسية والمجتمعية والفكرية يخرج بثورة سلمية لايقاف تلك الممارسات الخاطئة وإعادة المسار الصحيح لثورة فبراير 2011م.

ــــــــ

“ثورة 21 سبتمبر وتطلعات اليمنيين لتغير الواقع المرير”

لقد خرج الشعب اليمني بثورة شعبية سلمية وفي طليعتها قوى ومكونات جديدة كانصار الله مطالبين باصلاحات اقتصادية تتمثل في الغاء الجرعة وايقاف الفساد المالي والاداري ومطالب سياسية واجتماعية تتمثل في تشكيل حكومة كفائات وطنية وتنفيذ مقررات الحوار الوطني المتفق عليها وفي ظل سلمية الثورة التي واجهت الرصاص والقتل واقتحام ساحات الاعتصام بالرغم من توفر السلاح في اليمن بشكل كبير فمعظم مواطني اليمن يملكون السلاح إلا أن الثوار حافظوا على سلمية ثورتهم في ثبات اسطوري شهد له المتابعين في العالم عبر وسائل الاعلام لتلك المشاهد المؤلمة عندما استهدف مجندين تابعين لأحد اقطاب النظام ساحات المعتصمين سلميا وقتل العشرات منهم بدماء باردة أمام مبنى رئاسة الوزراء وفي مخيمات شارع المطار دون رد من الثوار واللجان الثورية وهو الامر الذي جعل للصبر حدود ففي 19 و20 والـ 21 من شهر سبتمبر حدثت مواجهات مسلحة بين مجندين وميليشيات تابعة لفصيل علي محسن الأحمر اعتدوا على عدد من الثوار في مناطق همدان غرب العاصمة امتدت تلك المواجهات الى اطراف العاصمة صنعاء لتحسم المعركة بفرار علي محسن الى السعودية ولتنتصرت ثورة الشعب اليمني وحينها تشكلت اللجان الشعبية لحماية مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة في العاصمة صنعاء وبعض مناطق البلاد التي شهدت فراغ امني في ظل مراهنات القيادات المخلوعة على تحريك الورقة الأمنية وهو ما جعل قوات الجيش والأمن واللجان الشعبية تشكل وحدات مشتركة ومنسجمة مع بعضها البعض لمواجهة تلك التحديات الامنية الخطيرة المتمثلة بعناصر ما يسمى بالقاعدة التي استهدفت الابرياء من المواطنين في عدة مناطق يمنية والتي كثفت من هجماتها وتفجيراتها الانتحارية في اوساط المدنيين والعسكريين في الفترات الاخيرة أي بعد رحيل علي محسن الأحمر من البلاد وقد تم تحقيق نتائج ايجابية في هذا الجانب بتعاون مجتمعي كبير.

ــــــــ

“الوضع السياسي والأمني بعد توقيع وثيقة السلم والشراكة”

أما عن الوضع السياسي فقد تم توقيع وثيقة السلم والشراكة الوطنية في 27 سبتمبر 2014م والتي يعتبرها الجميع الحل الأمثل لمشاكل اليمن المتراكمة حيث مثلت هذه الوثيقة الاجماع الوطني لتأسيس شراكة وطنية حقيقية بين كل المكونات والفعاليات السياسية على الساحة اليمنية بعيداً عن محاصصات المبادرة الخليجية وتقاسمات السلطة كما تعتبر هذه الوثيقة بوابة رئيسة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني كونها مبنية على تلك المخرجات وقد نصت على تشكيل حكومة كفائات وطنية بتشاور رئيس الجمهورية مع مستشاريه وفق معايير الكفائة والنزاهة والخبرة كما اقرت الغاء جزئي للجرعة السعرية وتبنت تشكيل لجنة اقتصادية لدراسة المشاكل والحلول الاقتصادية والخدمية والاعداد لانتخابات واستحقاقات قادمة بعد الانتهاء من صياغة الدستور عبر اشراك الجميع في اللجنة العلياء للانتخابات وبالرغم من أن الحكومة المشكلة مؤخراً احتوت على بعض الشخصيات المتورطة في قضايا فساد من النظام السابق الّا أن اللجان الثورية والتي اقصيت كذلك من التشكيلة الحكومية تعاطت إيجابا في هذا الجانب وقامت برفع وازالة مخيمات الاعتصام من العاصمة صنعاء ومحيطها وفقا لما نصته الوثيقة وابداء لحسن النية ولتأسيس عهد جيد من التفاهمات والتقارب وأملا في مستقبل واعد ومزدهر في ظل دولة حقيقية تحفظ للجميع حق العيش المشترك.

أما بالنسبة للتعاون الكبير بين اللجان الشعبية وقوات الامن والجيش والمجتمع في مواجهة ما يسمى بعناصر القاعدة في بعض المناطق، فقد أثمر هذا التعاون في تحقيق الامن والاستقرار للكثير من المناطق التي كانت تمثل قواعد ومحطات انطلاق للتنظيم في تنفيذ هجماته الانتحارية على المواطنين وعناصر الجيش والامن.

حزام الأسد
17/11/2014

 

Share this post