تقرير لورشة تفاعلية من أجل رؤية مستقبلية لسياسات وطنية بديلة
المقدمة
أشرفت مؤسسة قرطبة بجنيف بمشاركة رابطة تونس للثقافة والتعدد ووزارة الخارجية السويسرية على ورشة تفاعلية دامت يومي 7 و8 مارس 2018 بمنطقة “قمرت” بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة موضوعها “تطور التيار السلفي في تونس: الواقع والمآلات”.
يتصل العنصر التوجيهي الأبرز في هذه الورشة بالخلفية التي تدفع مؤسسة قرطبة بجينيف للاهتمام بالمشهد السلفي في العالم العربي عموما وتونس خصوصا مواكبة منها ومن وزارة الخارجية السويسرية لاستتباعات “الربيع العربي” والاهتمام بالفاعلين المنخرطين حديثا في العمل السياسي.
هدف المؤسسة من هذه الورشة التفاعلية هو الإسهام في فهم أعمق لسياق نشأة التيار السلفي في تونس وتحليل موقعه في المجتمع وتفاعلاته مع التيارات الأخرى ضمن التحولات التي تميز المشهد السياسي التونسي.
هي مقاربة لتحصين الانتقال السياسي في تونس نتيجة ما يتوفر من مظاهر “المساواة بين السلفية والجهادوية” وما يحصل من تجاهل “لتطور الجماعات السياسية السلفية غير العنيفة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة الساحل”.
يتنزّل هذا النشاط ضمن مسعى ترشيد الخلاف من خلال توفير فضاء للتواصل والعمل المشترك القادر على تجاوز منطق المساواة في الحكم على مختلف مكونات الطيف السلفي دون تمييز يُذكر. هو من جهة أخرى مساعدةُ مختلف الأطراف السياسية، (الرسمية والمعارضة وممثلي المجتمع المدني والشخصيات والمنظمات الفاعلة) على تحويل حدّة الخلاف مع ممثلي الظاهرة السلفية خاصة منهم المنخرطين في عملية المشاركة السياسية والتي يمكن أن تؤدي إلى العنف إلى تعامل موضوعي وعقلاني قادر على التوصّل في هذا الخصوص إلى رؤية مستقبلية لسياسات وطنية بديلة في تونس.
كان المنطلق العملي المباشر لهذه المقاربة التمييزية متمثلا في قبول ثلاث أوراق بحثية عن تطور التيار السلفي بتونس. انجز الأوراقَ ثلاثةُ باحثين تونسيين من خلفيات فكرية متباينة اهتمت واحدة بنشأة الظاهرة وتاريخها وفرضيات بقائها بينما اهتمت الثانية بتشكُّلها ومسارها ومآلها في حين قامت الثالثة بدراسة ميدانية تفترض وتستشرف بروز خطّ سلفي ثالث في تونس.
تمكنت كل واحدة من هذه الأوراق من الإسهام في فهم الظاهرة السلفية وتطورها وديناميتها الداخلية وجانب من تمظهراتها الدعوية والاجتماعية والسياسية بما يساعد على فهم جماعي مشترك للظاهرة تعزيزا للإدماج السياسي والتماسك الاجتماعي.